به، ولا يغفل عنه في ليل ولا نهار، ولا في أوقات نومه، ويقظته، وخلوته سيما في وقت انسه، وسكره، فان ذلك مما يجب أن يمعن فيه النظر، ولا يتساهل فيه.
وبلغني أن المأمون خرج في عشية يوم من مقصورته الى الدار المعروفة بدار العامة، فرأى الحسن بن سهل جالسا فيها ينظر في الاعمال وينفذ الاشغال، فسأل عنه، فقيل: انه من الصبح هنا، ولم يمض الى منزله، فلما رآه الحسن قام مبادرا الى بين يديه، فقال: تعبت اليوم يا أبا الفضل، فقال: لا أعد تعبا ما كان لراحة أمير المؤمنين وفي خدمته، فاستحسن منه الجواب.
وقال عبد الحميد الكاتب: أتعب قدمك فكم قدم قدّمك.
ومنها: ان لا يعارضه في خواصه، وبطانته، ولا في حرمه واصاغره، فانه اليه أميل، وهم عليه أقدر، ولا يستكثر لهم العطاء، ولا يمطلهم في الصلات والحباء، فان كان فيهم من يشين الملك تقريبه، أو يخاف غائلته فيتلطف في ايصال ذلك اليه على لسان غيره، أو يعرض به في ضمن الحكايات، والاشارات، دون التبكيت والتعبير، حتى لا يتمقت اليه بابطال أغراضه، وتنغيص مسراته فكم قد عادت هذه بمضرات على قائليها، حيث لم يتلطفوا فيها.
ومن حقوق الوزراء على الملوك، منها، ان يمكنه من التصرف، ويحكمه في التدبير ان كان وزيرا مطلقا حتى تنفذ تصرفاته، وتستقيم سياساته.
ومنها: أن يرفع من قدره، وينوه باسمه بما يتميز عن أبناء جنسه بتشريفه في ملبسه، ومركبه، وموكبه، ومجلسه وفي تلقيبه، وتكنيته على ما تجري به عادة اصطلاح أبناء الزمان.