ويقال: ان معاوية كتب الى زياد: ليكن بيني وبينك في سياسة الرعية، شعرة ممدودة، ان شددت طرفها فأرخها وان أرخيت طرفها فأشددها. فإنا ان شددنا جميعا انقطعت.

وسبب هذه الرسالة ان بعض امراء العرب نقم عليه معاوية فأبعده فسار الى زياد، فقبله، وأنزله، ثم خاف من انكار معاوية عليه فأرسل يستأذنه في أمره، فأجابه بهذا الجواب.

ومنها: تعجيل عطاياه، وأوامره سيما اذا علم اعتناءه به أو تأكيده الوصية في حقه. وكذلك يجب تعجيله ما يطيق لولاة الثغور والحروب والفيوج، والرسل، فان هذه أمور ان أخرت عن أوقاتها كثرت مضراتها، والملوك تغضب لرد أوامرها، وتوقيف اعطياتها، وهباتها، الا اذا كان الوزير ممن قد فهم ان مراد الملك التوقف، فليمطل، ولا يشعر أحدا، بأنه رأى الملك، فانه لؤم لا ينسب اليه.

ومنها: السعي في عمارة البلاد، واصلاح خللها، وتثمير الاموال والمزروعات، وتحصيل آلات العمارة، والترغيب في ذلك، فان بالعمارة تغزر الاموال، وبالاموال تشمخ الممالك وتكثر الاعوان.

ومنها: حسن النظر في أمر الجند، فلا يؤخر عنهم العطاء، ولا يلجئهم الى الشغب، والغوغاء، ويسوسهم بما يديم طاعتهم ويؤلف كلمتهم، وقد بنيت سياسات الجند في كتابي في الحروب.

واذا اعتدلت سياستهم استقامت مع الملك سيرتهم، وأمنت مضرتهم.

ومنها: القيام بمصالح الملك الخاصة في ترتيب آلاته، ودوره ومطابخه، ونفقات غلمانه، وحشمه، ودوابه، فلا يكون في ذلك توقف، ولا تقصير، وكذلك لا يغفل عن أمر حراسه الملك، وحفظه، وان يندب لذلك من يوثق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015