بين يديه على أشد من حال لم يبل مثل بلائه ولم يستوجب من الجزاء كجزائه لان من لم يكن له جميل أثر ولا محمود خبر فالثقة منصرفة الى برأته من التبجح والاعتداد. ومن أظهرت آثاره وبدأ احسانه وبلاؤه كان الظن منصرفا الى اعتداده به واستشعرت النفوس خفى ايمائه اليه واتكاله عليه.
فينبغي لخادم الملك أن يداوي هذا الطريق ويقاومه ويبدي من الخضوع ما ينفيه ويجانبه، ومما ينبغي لخادم الملك أن يكون صبورا عليه، وغير غضوب منه مما يباشره من مكاره ما يتلقاه بالمكاره بحضرته فانه ان اظهر غضبا منها وبدا منه اكتراث لها، صار الملك الى حال اغراء بخصمه بالزيادة فيما يلقاه «5» به منها وطرق على نفسه الاسترابة بسريرته فيها فان كان ذلك مما يحتاج فيه الى جواب، فعلى سبيل الحلم والوقار لا على جهة الطيش والاستحقار فان ذلك أثبت للحجة وأولى على كل حال بالغلبة والنصرة. ومما يحتاج اليه خادم الملك ان لا يضمر فضلا عن أن يظهر عيبا «6» عليه ولا تكرها لشيء من أمره فان أضمر ذلك ولم يمكنه الاغلب في نفسه اجتهد في كتمه وطيه وحذر من ظهوره في قوله وفعله وابانته في لحظه وشمائلة فان فوثاغورس الفيلسوف يقول في وصيته المعروفة بالذهبية «لا تعادوا الامر الاغلب لا ظاهرا ولا باطنا» . وخطب المنصور فقال ما كانه «7» تفسير ما أدمجه فوثاغورس وأوضحه وهو معاشر الناس لا تضمروا غش الأئمة فان من أضمر ذلك أظهره الله على سقطات