وكان زياد بن أبي سفيان يقول: ينبغي أن يكون خادم الملك أيقظ شيء عينا وأخفه روحا وأغظه طرفا، وأقله للناس سؤالا، فأن خادم الملك، اذا سأل الناس وضع من قدر الملك. ومما ينبغي لخادم الملك اذا كان حازما ان يستشعره وهو أن يأخذ من أوقات منافعه الخاصة به ما يضيفه الى وقت اشتغاله بخدمة الملك، وأوامره فيأخذ من زمان طعامه وشرابه ونومه ومفاكهته وحديثه ولهوه ونسائه وسائر مآربه فيضيفه الى ما ذكرته وقدمته. الا أن يخالف الحزم «4» . فيأخذ من أوقات أشغاله بمآرب الملك وحاجاته ولذاته، ما يجعله مضافا الى مآربه في نفسه ولذاته فان ذلك اذا فعله فاعل" عاد بالتقصير فيما هو سبيله مما يقوم به وما جعل بصدده من أمور الملك وأسبابه وبالضرر عند الملك في حال نفسه ومكانته ...
وينبغي لخادم الملك الا يطلب ما عنده بالمسألة ولكن بالاحسان في الخدمة والاجتهاد في الطاعة والمبالغة في النصح والكفاية. فان ذلك ولو تأخرت ثمرته اولى مما يجيء بالمسألة، وان تعجلت فائدته، وتوفرت عائدته، لان ما يستثمر بالخدمة يأتي من عند الملك ونفسه به سمحة" طيبة، ويده باعطائه سلسة منبسطة والمسألة فانما هي تذكره ما يأتي بها يأتي على سبيل استكراه ومنازعة وذاك مأمون الحاضرة والمغبة، وهذا مخوف منه الاضجار والملالة ...
ومما ينبغي لخادم الملك ان يستشعره ترك الاعتداد بالبلاء الجميل يكون منه والتبجح بالكفاية البالغة التي من جهته، بل ينبغي أن يكون بعد ما يظهر من جميل أفعاله وحميد أحواله من التذلل للملك والاستخذاء