مما لم تزل الحكماء تأمر به والملوك الحزم تتحاض [عليه] «12» ، وتجتهد في ان تنشر عنها فعله واستعماله، وممن كان على هذه الحال في اختياره العلماء ومعاشرته أياهم وقبوله مشوراتهم، الاسكندر ذو القرنين.
ولا جرم انه ما يذكر، ان ملكا استولى على ملك الشرق والغرب وما بينها ودانت له انه ما يذكر، ان ملكا استولى على ملك الشرق والغرب وما بينها ودانت له الامم كلها غيره، وان معلمه كان ارسطاطاليس وعنه أخذ الحكمة، وكان أول أمر الاسكندر، ان أباه فيليب [في النسخ الثلاث: فيليس] كان ملكا من ملوك اليونانيين، وكان حكيما ففكر بعد مضي أكثر عمره في أمور الناس المضطربة، ومذاهبهم المختلفة الفاسدة، فتشكى الى جلسائه من الحكماء اغتمامه بذلك، وتوقه الى الصلاح العام، وعزمه على قصد الملوك الضلال، ليبصرهم الحق ويجاهدهم عليه فرأى من يليه من الحكماء ويحف به من صالحي الجلساء صواب هذا الرأي، وخاطبوه بأنه، ان ما بعثه عليه ودعاه اليه همة عالية ونفس سامية، وان سنة «13» قد تعالت، ولا يؤمن أن ينهض نحو هذه الحال، وهي مما يحتاج فيه الى مباشرة أمور عظيمة، وتجشم أسفار شاقة، وملاقاة حروب صعبة ومدة يرجى في مثلها تمام هذا الامر من الصلاح وتطاوله، وأنهم لا يأمنون ان تخترمه قبل ذلك المنية، وأشاروا عليه بالاستكثار من النساء للطروقة «14» ، وكان متجنبا لذلك فيما خلا من عمره، على مذهب الفلاسفة، طلبا لولد ينشئوا نشوءا صالحا ويعهد اليه في طلب ما رام فعله فولد له الاسكندر، فلما ترعرع أنفذه الى أثينا مدينة الحكماء، وكان صاحب التعليم بها في ذلك الوقت أرسطاطاليس بعد افلاطون، فأقام عنده حتى شد من الفلسفة طرفا، وتقبل أخلاف أهلها، ثم