لما دعت الحاجة الى اجتماع الناس في المدائن والامصار واجتمعوا فيها وتعاملوا وأخذ بعضهم من بعض وأعطوا، وكانت مذاهبهم في التناصف والتظالم مختلفة وكان الله سبحانه قد شرع لهم شرائع وحد حدودا مبينة، احتيج الى من يأخذ الناس باستعمال فروض الشرائع المسنونة، ويقيم الحدود المبينة حتى يلزمها الناس كافة. ولا يتعداها منهم أحد، الا أحلت به العقوبة التي تقوده الى الشرع والسنة، وتأتلف الكلمة وتلتئم البيضة وتجري أمور الكافة على التناصف والمعدلة، ولا يقع في تعاملهم جور ولا مظلمة فانه لا ملك الا بدين وشرع، ولا دين الا بملك وضبط، وقد وفق اردشير ابن بابك ان قال في ذلك قولا ليس عنه معدل: وهو ان الدين والملك اخوان توأمان لا قوام لاحدهما الا بصاحبه، وجعل الدين أسا والملك عمادا وقال في ذلك قولا صوابا. وقد كتب ارسطاطاليس الى ذي القرنين في رسالته المنسوبة الى سياسة الكل وتدبير الملك وأي «1» ملك خدم دينه ملكه. فالملك وبال عليه. وأي «2» ملك جعل ملكه خادما لدينه انتفع بملكه وبكل أمره في عاجلة وآجلة. وقد يقع في الظن جواز كون أكثر من ملك واحد لامة واحدة أو عصابة غير مختلفة وفي ذلك غلط اذ ظن