قال أبو الفرج: قد ذكرنا في المنزلة الثالثة، من أمر البلاغة ووجه تعلمها وتعريف الوجوه المحمودة فيها، والوجوه المذمومة منها، ما اذا وعي «1» كان الكاتب واقفا به على ما يحتاج اليه، وبينا في المنزلة الرابعة عند ذكر مجلس الانشاء وجوها من المكاتبات في الامور الخراجية، ينتفع بها ويكون فيها تبصير لمن يروم المكاتبة في معناها. وقد وجب الان ان نذكر من المكاتبات في الامور التي تخص «2» ديوان الرسائل، ما يكون به مجزيا لمن أراد الكتاب في معناه، وتطريق لمن قصد الكتاب في سواه مما يجري مجراه. واذا وصفنا ذلك وأتينا به كنا مع ما تقدم في المنزلتين الثالثة، والرابعة قد استوعبنا أكثر ما يحتاج اليه في أمر الترسل الذي به قوام هذا الديوان، لانه ليس يجري فيه شىء من الحسبانات، ولا من سائر الاعمال خلال المكاتبات وما يتصل بها ويحتاج المتولي له الى أن يكون متصرفا في جميع فنون المكاتبات، واضعا لما ينشئه في موضعه، اذ كان للوزير أن يأمر بالمكاتبة في كل فن من الفنون المعروفة والغريبة الواردة. ومما يحتاج الى ذكره في هذا الموضع، لينتفع بمروره مسامع من يؤثر التمهر في هذه الصناعة، ما حكي عن أحمد بن يوسف بن القاسم