وزعم أبو إسحاق أنه رأى عين نار في بعض الجبال، يكون دخانها نهارا وليلا.
أو ليس الأصل الذي بني عليه أمرهم: أن جميع الأبدان من الأخلاط الأربعة [1] : من النار، والماء، والأرض، والهواء؟ فإذا رأينا موضعا من الأرض يخرج منه ماء قلنا: هذا أحد الأركان؛ فما بالنا إذا رأينا موضعا من الأرض يخرج منه نار لم نقل مثل ذلك فيه؟.
ولم نقول في حجر النار إنه متى وجد أخف من مقدار جسمه من الذهب والرّصاص والزئبق، إنما هو لما خالطه من أجزاء الهواء الرّافعة له؟ وإذا وجدناه أعلك علوكة، وأمتن متانة، وأبعد من التهافت جعلنا ذلك لما خالطه من أجزاء الماء. وإذا وجدناه ينقض الشرر، ويظهر النار جعلنا لك للذي خالطه من الهواء؟ ولم جعلناه إذا خف عن شيء بمقدار جسمه، لما خالطه من أجزاء الهواء، ولا نجعله كذلك لما خالطه من أجزاء النار؟! ولا سيما إذا كانت العين تجده يقدح بالشرر، ولم تجر أجزاء الهواء فيه عندنا عيانا. فلم أنكروا ذلك، وهذه القصة توافق الأصل الذي بنوا عليه أمرهم؟.
قال: أو ليس من قوله أنه لولا النيران المتحركة في جوف الأرض، التي منها يكون البخار- الذي بعضه أرضيّ وبعضه مائيّ- لم يرتفع ضباب، ولم يكن صواعق ولا مطر ولا أنداء.
ومتى كان البخار حارّا يابسا قدح وقذف بالنار التي تسمى «الصاعقة» ، إذا اجتمعت تلك القوى في موضع منه. فإن كانت القوى ريحا كان لها صوت، وإن كانت نارا كانت لها صواعق. حتى زعم كثير من الناس [أن بعض السيوف من خبث نيران الصواعق] [2] ، وذلك شائع على أفواه الأعراب والشعراء. قال أبو الهول الحميري [3] : [من الخفيف]