ولم صارت تقدح على الاحتكاك حتى تلهبت، كالساج [1] في السفن إذا اختلط بعضه ببعض عند تحريك الأمواج لها؟ ولذلك أعدّوا لها الرجال لتصبّ من الماء صبّا دائما. وتدوّم الريح فتحتك عيدان الأغصان في الغياض، فتلتهب نار فتحدث نيران.
ولم صار العود يحمى إذا احتكّ بغيره؟ ولم صار الطّلق [2] لا يحمى؟ فإن قلت لطبيعة هناك، فهل دللتمونا إلا على اسم علّقتموه على غير معنى وجدتموه؟ أولسنا قد وجدنا عيون ماء حارة وعيون ماء بارد، بعضها يبرص وينفط الجلد [3] ، وبعضها يجمد الدم ويورث الكزاز [4] ؟ أولسنا قد وجدنا عيون ريح [5] وعيون نار [6] ؟ فلم زعمتم أن الريح والماء كانا مختنقين في بطون الأرض ولم تجوّزوا لنا مثل ذلك في النار؟ وهل بين اختناق الريح والماء فرق؟ وهل الريح إلا هواء تحرّك؟ وهل بين المختنق والكامن فرق؟.
وزعم أبو إسحاق: أنه رمى بردائه في بئر النبي صلّى الله عليه وسلّم التي من طريق مكة، فردّته الريح عليه.
وحدّثني رجل من بني هاشم قال: كنت برامة [7] ، من طريق مكة فرميت في بئرها ببعرة فرجعت إليّ، ثم أعدتها فرجعت، فرميت بحصاة فسمعت لها حريقا [8] وحفيفا [9] شديدا وشبيها بالجولان، إلى أن بلغت قرار الماء.