متوضّح الأقراب فيه شهبة ... هشّ اليدين تخاله مشكولا [1]
كدخان مرتجل بأعلى تلعة ... غرثان ضرّم عرفجا مبلولا [2]
المرتجل: الذي أصاب رجلا من جراد، فهو يشويه. وجعله غرثان لكون الغرث لا يختار الحطب اليابس على رطبه، فهو يشويه بما حضره. وأدار هذا الكلام، ليكون لون الدخان بلون الذئب الأطحل [3] متفقين.
وزرادشت هو الذي عظم النار وأمر بإحيائها، ونهى عن إطفائها، ونهى الحيّض عن مسها والدنوّ منها. وزعم أن العقاب في الآخرة إنما هو بالبرد والزمهرير والدّمق [4] .
وزعم أصحاب الكلام أن زرادشت- وهو صاحب المجوس- جاء من بلخ، وادعى أن الوحي نزل عليه على جبال سيلان، وأنه حين دعا سكان تلك الناحية الباردة، الذين لا يعرفون إلا الأذى بالبرد، ولا يضربون المثل إلا به؛ حتى يقول الرجل لعبده: لئن عدت إلى هذا لأنزعنّ ثيابك، ولأقيمنّك في الريح، ولأوقفنّك في الثلج! فلما رأى موقع البرد منهم هذا الموقع، جعل الوعيد بتضاعفه، وظنّ أنّ ذلك أزجر لهم عما يكره.
وزرادشت في توعده تلك الأمة بالثلج دون النار، مقرّ بأنه لم يبعث إلا إلى أهل تلك الجبال. وكأنه إذا قيل له: أنت رسول إلى من؟ قال لأهل البلاد الباردة، الذين لابدّ لهم من وعيد، ولا وعيد لهم إلا بالثلج.
وهذا جهل منه، ومن استجاب له أجهل منه.
والثلج لا يكمل لمضادّة النار، فكيف يبلغ مبلغها؟ والثلج يؤكل ويشرب،