الحيوان (صفحة 975)

وأن الحرّ والبرد، واللون والطعم والصوت والرائحة، إنما هي نتائج على قدر امتزاجهما [1] .

فقيل لهم: وجدنا الحبر إذا اختلط باللبن صار جسما أغبر، وإذا خلطت الصّبر [2] بالعسل صار جسما مرّ الطعم على حساب ما زدنا. وكذلك نجد جميع المركبات. فما لنا إذا مزجنا بين شيئين من ذوات المناظر، خرجنا إلى ذوات الملامس، وإلى ذوات المذاقة والمشّمة؟! وهذا نفسه داخل على من زعم أن الأشياء كلها تولدت من تلك الأشياء الأربعة [3] ، التي هي نصيب حاسة واحدة [4] .

1280-[نقد النظام لبعض مذاهب الفلاسفة]

وقال أبو إسحاق: إن زعم قوم أن ههنا جنسا هو روح، وهو ركن خامس- لم نخالفهم.

وإن زعموا أن الأشياء يحدث لها جنس إذا امتزجت بضرب من المزاج، فكيف صار المزاج يحدث لها جنسا وكلّ واحد منه إذا انفرد لم يكن ذا جنس، وكان مفسدا للجسم، وإن فصل عنها أفسد جنسها؟! وهل حكم قليل ذلك إلا كحكم كثيره؟ ولم لا يجوز أن يجمع بين ضياء وضياء فيحدث لهما منع الإدراك؟!.

فإن اعتلّ القوم بالزاج [5] والعفص [6] والماء، وقالوا: قد نجد كلّ واحد من هذه الثلاثة ليس بأسود، وإذا اختلطت صارت جسما واحدا أشدّ سوادا من الليل، ومن السّبج [7] ، ومن الغراب- قال أبو إسحاق: بيني وبينكم في ذلك فرق. أنا أزعم أن السواد قد يكون كامنا ويكون ممنوع المنظرة، فإذا زال مانعه ظهر، كما أقول في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015