وفي ضرب المثل بظلم الحيّة، يقول مضرّس بن لقيط [1] : [من الطويل]
لعمرك إنّي لو أخاصم حيّة ... إلى فقعس ما أنصفتني فقعس
إذا قلت مات الدّاء بيني وبينهم ... سعى حاطب منهم لآخر يقبس
فما لكم طلسا إليّ كأنّكم ... ذئاب الغضا والذّئب بالليل أطلس [2]
وجعله أطلس؛ لأنّه حين تشتدّ ظلمة اللّيل فهو أخفى له، ويكون حينئذ أخبث له وأضرى.
وقال حريز بن نشبة العدويّ، لبني جعفر بن كلاب، وضرب جور الحيّة والذّئب في الحكم مثلا، فقال [3] : [من البسيط]
كأنّني حين أحبو جعفرا مدحي ... أسقيهم طرق ماء غير مشروب [4]
ولو أخاصم أفعى نابها لثق ... أو الأساود من صمّ الأهاضيب [5]
لكنتم معها إلبا، وكان لها ... ناب بأسفل ساق أو بعرقوب [6]
ولو أخاصم ذئبا في أكيلته ... لجاءني جمعكم يسعى مع الذّيب [7]
قال: والحيّة واسعة الشّحو والفم، لها خطم، ولذلك ينفذ نابها. وكذلك كلّ ذي فم واسع الشّحو، كفم الأسد. فإذا اجتمع له سعة الشّحو وطول اللّحيين، وكان ذا خطم وخرطوم فهو أشدّ له؛ كالخنزير، والذّئب والكلب. ولو كان لرأس الحيّة عظم كان أشدّ لعضّتها، ولكنّه جلد قد أطبق على عظمين رقيقين مستطيلين بفكّها الأعلى والأسفل. ولذلك إذا أهوى الرّجل بحجر أو عصى، رأيتها تلوّي رأسها وتحتال