البلدة، ثمّ غشي عليه، فأخذ الحوّاء فوضع في السّجن، وقتلوا تلك الحيّات، وتركوه حتّى أفاق كانّه أجنّ الخلق، فتطوّعوا بحمله فحملوه مع المكاري [1] ، وردّوه إلى البصرة، وبقي أثر نابها في أنفه إلى أن مات.
قال: وأشياء من الحشرات لا تتخذ لنفسها ولا لبيضها ولا أولادها بيوتا، بل تظلم كلّ ذي جحر جحره، فتخرجه منه، أو تأكله إنّ ثبت لها.
والعرب تقول للمسيء: «أظلم من حيّة» لأنّ، الحيّة لا تتّخذ لنفسها بيتا. وكلّ بيت قصدت نحوه هرب أهله منه. وأخلوه لها.
والورل يقوى على الحيّات ويأكلها أكلا ذريعا. وكلّ شدّة يلقاها ذو جحر منها فهي تلقى مثل ذلك من الورل. والورل ألطف جرما من الضّبّ.
وزعم أنّهم يقولون: «أظلم من ورل» [2] كما يقولون: «أظلم من حيّة» [3] ، وكما يقولون: «أظلم من ذئب» [4] ويقولون: «من استرعى الذّئب ظلم» [5] .
وبراثن الورل أقوى من براثن الضّبّ. والضّباب تحفر جحرتها في الكدى [6] .
والورل لا يحفر لنفسه بل يخرج الضّبّ من بيته. فتزعم الأعراب أنّه إنما صار لا يحفر لنفسه إبقاء على براثنه. ويمنع الحيّة أن تحفر بيتها أنّ أسنانها أكلّ من أسنان الفأر ومن التي تحفر بالأفواه والأيدي، كالنمل والذّرّ وما أشبه ذلك. والحيّة لا ترى أن تعاني ذلك، وحفر غيرها ومعاناته يكفيها.