وقد زعم أهل البصرة أنّ مشان [1] الكوفة قريب من برنيّ [2] البصرة، قلبته البلدة.
ويزعم أهل الحجاز أنّ نخل النارجيل [3] هو نخل المقل [4] ، ولكنّه انقلب لطباع البلدة. وأشباه ذلك كثير.
ويزعمون أنّ الفيلة مائية الطّباع بالجاموسيّة والخنزيريّة التي فيها.
قال: والذّئب أيضا، وإن كان عندهم ممّا لا يجتزي بالنّسيم، فإنّه من الحيوان الذي يفتح فاه للنّسيم؛ ليبرد جوفه من اللهيب الذي يعتري السّباع؛ ولأنّ ذلك يمدّ قوّته، ويقطع عنه ببرودته ولطافته الرّيق. فإن كان ذا سعر إذا عدا احتشى ريحا.
وربّما جاع الأسد ففعل فعل الذّئب، فالأسد والذّئب يختلفان في الجوع والصبر؛ لأنّ الأسد شديد النّهم، رغيب حريص شره؛ وهو مع ذلك يحتمل أن يبقى أيّاما لا يأكل شيئا. والذّئب وإن كان أقفر منزلا، وأقلّ خصبا، وأكثر كدّا وإخفاقا، فلا بدّ له من شيء يلقيه في جوفه، فإذا لم يجد شيئا استعار النسيم، [وربما استفّ التراب] [5] .
والنّاس إذا جاعوا واشتدّ جوعهم شدّوا على بطونهم العمائم. فإن استقلوا، وإلّا شدّوا الحجر.
وأنشد: [من الطويل]
كسيد الغضا العادي أضلّ جراءه ... على شرف مستقبل الرّيح يلحب [6]