شكلها. ومنها ما يفهم صاحبه بضروب الحركات والإشارات والشمائل. وحاجاتها ظاهرة جليّة، وقليلة العدد يسيرة. ومعها من المعرفة ما لا يقصّر عن ذلك المقدار، ولا يجوزه.
وراضة الإبل، والرّعاء، وروّاض الدّوابّ في المروج، والسّوّاس، وأصحاب القنص بالكلاب والفهود، يعرفون باختلاف الأصوات والهيئات والتشوّف، واستحالة البصر، والاضطراب، ضروبا من هذه الأصناف، ما لا يعرف مثله من هو أعقل منهم، إذا لم يكن له من معاينة أصناف الحيوان ما لهم. فالحكل من الحيوان من هذا الشكل.
وقد ذكرناه مرّة قال رؤبة [1] : [من الرجز]
لو أنّني عمّرت عمر الحسل ... أو أنّني أوتيت علم الحكل
علم سليمان كلام النّمل
وقال أبو العباس محمّد بن ذؤيب الفقيميّ، وهو الذي يقال له العمانيّ في بعض قصائده في عبد الملك بن صالح. والعمانيّ ممن يعدّ ممن جمع الرّجز والقصيد، كعمر بن لجإ، وجرير بن الخطفي، وأبي النّجم وغيرهم.
قال العمانيّ [2] : [من الطويل]
ويعلم قول الحكل لو أنّ ذرّة ... تساود أخرى لم يفته سوادها
يقول: الذّرّ الذي لا يسمع لمناجاته صوت، لو كان بينها سواد لفهمه.
والسّواد هو السّرار. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لابن مسعود: «أذنك حتى أساودك» أي تسمع سوادي. وقالت ابنة الخسّ: قرب الوساد وطول السّواد [3] .
قال أبو كبير الهذليّ [4] : [من الكامل]
ساودت عنها الطّالبين فلم أنم ... حتى نظرت إلى السّماك الأعزل [5]