الحيوان (صفحة 701)

934-[من أعاجيب الخفاش]

ومن أعاجيبه أنّه لا يطير في ضوء ولا في ظلمة. وهو طائر ضعيف قوى البصر، قليل شعاع العين الفاصل من النّاظر. ولذلك لا يظهر في الظّلمة، لأنّها تكون غامرة لضياء بصره، غالبة لمقدار قوى شعاع ناظره. ولا يظهر نهارا، لأنّ بصره لضعف ناظره يلتمع في شدة بياض النهار. ولأنّ الشيء المتلألئ ضارّ لعيون الموصوفين بحدّة البصر، ولأن شعاع الشمس بمخالفة مخرج أصوله وذهابه، يكون رادعا لشعاع ناظره، ومفرّقا له. فهو لا يبصر ليلا ولا نهارا. فلما علم ذلك واحتاج إلى الكسب والطّعم، التمس الوقت الذي لا يكون فيه من الظلام ما يكون غامرا قاهرا، وعاليا غالبا. ولا من الضّياء ما يكون معشيا رادعا، ومفرّقا قامعا. فالتمس ذلك في وقت غروب القرص، وبقيّة الشّفق، لأنّه وقت هيج البعوض وأشباه البعوض، وارتفاعها في الهواء، ووقت انتشارها في طلب أرزاقها. فالبعوض يخرج للطعم، وطعمه دماء الحيوان، وتخرج الخفافيش لطلب الطعم، فيقع طالب رزق على طالب رزق، فيصير ذلك هو رزقه.

وهذا أيضا مما جعل الله في الخفافيش من الأعاجيب.

935-[البائضة والوالدة]

[1] ويزعمون أن السّك [2] الآذان والممسوحة، من جميع الحيوان، أنها تبيض بيضا، وأنّ كلّ أشرف [3] الآذان فهو يلد ولا يبيض. ولا ندري لم كان الحيوان إذا كان أشرف الآذان ولد، وإذا كان ممسوحا باض.

ولآذان الخفافيش حجم ظاهر، وشخوص بيّن. وهي وإن كانت من الطير فإنّ هذا لها، وهي تحبل وتلد، وتحيض، وترضع.

936-[ما يحيض من الحيوان]

والناس يتقزّزون من الأرانب والضّباع، لمكان الحيض.

وقد زعم صاحب المنطق أنّ ذوات الأربع كلّها تحيض، على اختلاف في القلّة والكثرة. والزّمان، والحمرة والصفرة، والرقّة والغلظ. قال: ويبلغ من ضنّ أنثى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015