والغراب يقوى على الرّخمة، والرخمة أعظم من الغراب وأشدّ. والرّخمة تلتمس لبيضها المواضع البعيدة، والأماكن الوحشيّة، والجبال الشامخة، وصدوع الصّخر.
فلذلك يقال في بيض الأنوق ما يقال [1] .
وقال عتبة بن شمّاس [2] : [من الخفيف]
إنّ أولى بالحقّ في كلّ حقّ ... ثمّ أولى أن يكون حقيقا
من أبوه عبد العزيز بن مروا ... ن ومن كان جدّه الفاروقا
ردّ أموالنا علينا وكانت ... في ذرى شاهق تفوت الأنوقا
وطلب رجل من أهل الشام الفريضة من معاوية فجاد له بها، فسأل لولده، فأبى، فسأله لعشيرته، فقال معاوية [3] : [من الخفيف]
طلب الأبلق العقوق، فلمّا ... لم يجده أراد بيض الأنوق
وليس يكون العقوق إلّا من الإناث، فإذا كانت من البلق كانت بلقاء. وإنما هذا كقولهم: «زلّ في سلى جمل» [4] ، والجمل لا يكون له سلى [5] .
وقد يرون بيض الأنوق، ولكنّ ذلك قليلا ما يكون، وأقلّ من القليل، لأنّ بيضها في المواضع الممتنعة، وليست فيها منافع فيتعرض في طلبها للمكروة.