[1] ويزعمون أنّ الهدهد هو الذي كان يدلّ سليمان عليه السلام على مواضع المياه في قعور الأرضين إذا أراد استنباط شيء منها.
[2] ويروون أنّ نجدة الحروريّ أو نافع بن الأزرق قال لابن عباس: إنّك تقول إنّ الهدهد إذا نقر الأرض عرف مسافة ما بينه وبين الماء، والهدهد لا يبصر الفخّ دوين التراب، حتى إذا نقر التّمرة انضمّ عليه الفخّ! فقال ابن عبّاس: «إذا جاء القدر عمي البصر» [3] .
ومن أمثالهم: «إذا جاء الحين غطّى العين» [4] .
وابن عباس إن كان قال ذلك فإنّما عنى هدهد سليمان عليه السلام بعينه؛ فإنّ القول فيه خلاف القول في سائر الهداهد.
وسنأتي على ذكر هذا الباب من شأنه في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقد قال الناس في هدهد سليمان، وغراب نوح، وحمار عزير، وذئب أهبان بن أوس، وغير ذلك من هذا الفنّ، أقاويل، وسنقول في ذلك بجملة من القول في موضعه إن شاء الله.
وقد قال صاحب المنطق وزعم في كتاب الحيوان، أنّ لكلّ طائر يعشّش شكلا يتخذ عشّه منه، فيختلف ذلك على قدر اختلاف المواضع وعلى قدر اختلاف صور تلك القراميص والأفاحيص. وزعم أنّ الهدهد من بينها يطلب الزّبل، حتّى إذا وجده نقل منه، كما تنقل الأرضة من التّراب، ويبني منه بيتا، كما تبني الأرضة، ويضع جزءا على جزء، فإذا طال مكثه في ذلك البيت، وفيه أيضا ولد، أو في مثله، وتربّى ريشه وبدنه بتلك الرائحة، فأخلق به أيضا أن يورث ابنه النّتن الذي علقه، كما أورث جدّه أباه، وكما أورثه أبوه. قال: ولذلك يكون منتنا.