الحيوان (صفحة 655)

وقال عنترة [1] : [من الكامل]

ظعن الذين فراقهم أتوقّع ... وجرى ببينهم الغراب الأبقع

حرق الجناح كأنّ لحيي رأسه ... جلمان بالأخبار هشّ مولع

فزجرته ألّا يفرّخ بيضه ... أبدا ويصبح خائفا يتفجّع

إنّ الذين نعبت لي بفراقهم ... هم أسهروا ليلى التّمام فأوجعوا

فقال: «وجرى ببينهم الغراب» لأنّه غريب، ولأنه غراب البين، ولأنّه أبقع. ثم قال: «حرق الجناح» تطيرا أيضا من ذلك. ثمّ جعل لحيي رأسه جلمين، والجلم يقطع. وجعله بالأخبار هشّا مولعا، وجعل نعيبه وشحيجه كالخبر المفهوم.

862-[التشاؤم بالغراب]

قال: فالغراب أكثر من جميع ما يتطيّر به في باب الشؤم. ألا تراهم كلما ذكروا ممّا يتطيرون منه شيئا ذكروا الغراب معه! وقد يذكرون الغراب ولا يذكرون غيره، ثم إذا ذكروا كلّ واحد من هذا الباب لا يمكنهم أن يتطيروا منه إلّا من وجه واحد، والغراب كثير المعاني في هذا الباب، فهو المقدّم في الشؤم.

863-[دفاع صاحب الغراب]

قال صاحب الغراب: الغراب وغير الغراب في ذلك سواء. والأعرابيّ إن شاء اشتقّ من الكلمة، وتوهّم فيها الخير، وإن شاء اشتقّ منها الشرّ. وكلّ كلمة تحتمل وجوها.

ولذلك قال الشاعر: [من الطويل]

نظرت وأصحابي ببطن طويلع ... ضحيّا وقد أفضى إلى اللّبب الحبل [2]

إلى ظبية تعطو سيالا تصوره ... يجاذبها الأفنان ذو جدد طفل [3]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015