وقالوا: ذوات الخراطيم من كلّ شيء أقوى عضّا ونابا وفكّا؛ كالذيب والخنزير، والكلب. وأمّا الفيل فإنّ خرطومه هو أنفه، كما أنّ لكلّ شيء من الحيوان أنفا، وهو يده، ومنه يغنّي وفيه يجري الصّوت، كما يجري الزّامر الصّوت في القصبة بالنّفخ.
ومتى تضاغط الهواء صوّت على قدر الضّغط، أو على قدر الثّقب.
والذباب: اسم الواحد، والذّبّان: اسم الجماعة. وإذا أرادوا التّصغير والتقليل ضربوا بالذبّان المثل. قال الشاعر [1] : [من الوافر]
رأيت الخبز عزّ لديك حتّى ... حسبت الخبز في جوّ السّحاب
وما روّحتنا لتذبّ عنا ... ولكن خفت مرزية الذّباب
وقال آخر [2] : [من الكامل]
لما رأيت القصر أغلق بابه ... وتعلّقت همدان بالأسباب
أيقنت أنّ إمارة ابن مضارب ... لم يبق منها قيس أير ذباب
قال بعضهم: لم يذهب إلى مقدار أيره وإنما ذهب إلى مثل قول ابن أحمر [3] :
[من السريع]
ما كنت عن قومي بمهتضم ... لو أنّ معصيّا له أمر
كلفّتني مخّ البعوض فقد ... أقصرت لا نجح ولا عذر [4]
قال: وليس شي مما يطير يلغ في الدّم، وإنما يلغ في الدماء من السّباع ذوات الأربع. وأمّا الطّير فإنّها تشرب حسوا، أو عبّة بعد عبّة. ونغبة بعد نغبة. وسباع الطّير