وللكلاب ذباب على حدة يتخلّق منها ولا يريد سواها. ومنها ذبّان الكلأ والرياض. وكلّ نوع منها يألف ما خلق منه. قال أبو النّجم [1] : [من الرجز]
مستأسد ذبّانه في غيطل ... يقلن للرّائد أعشبت انزل [2]
والعرب تسمّي طنين الذّبّان والبعوض غناء. وقال الأخطل [3] في صفة الثّور:
[من البسيط]
فردا تغنّيه ذبّان الرّياض كما ... غنّى الغواة بصنج عند أسوار [4]
وقال حضرميّ بن عامر [5] في طنين الذباب: [من الكامل]
ما زال إهداء القصائد بيننا ... شتم الصّديق وكثرة الألقاب
حتّى تركت كأنّ أمرك بينهم ... في كلّ مجمعة طنين ذباب
ويقال: «ما قولي هذا عندك إلّا طنين ذباب» .
وللذّباب وقت تهيج فيه للسّفاد مع قصر أعمارها. وفي الحديث: «أنّ عمر الذباب أربعون يوما» ولها أيضا وقت هيج في أكل النّاس وعضّهم، وشرب دمائهم.
وإنما يعرض هذا الذّبّان في البيوت عند قرب أيّامها؛ فإنّ هلاكها يكون بعد ذلك وشيكا. والذّبّان في وقت من الأوقات من حتوف الإبل والدوابّ.
والذّباب والبعوض من ذوات الخراطيم، ولذلك اشتدّ عضّها وقويت على خرق الجلود الغلاظ. وقال الراجز [6] في وصف البعوضة: [من الرجز]
مثل السّفاة دائم طنينها ... ركّب في خرطومها سكّينها [7]