الحيوان (صفحة 572)

واللّين، إلّا أنّها إلى الشدّة أقرب، فلما كان البحر عميقا والرّيح قويّة، والأمواج عظيمة، وكان الشّراع لا يحطّ، وكان سيرهم مع الوتر ولم يكن مع القوس، ولا يعرفون الخبّ والمكلأّ [1] ، صارت الأيّام التي تسير فيها السّفن إلى الزّنج أقل.

725-[سمك البرستوج]

قال: والبرستوج سمك يقطع أمواج الماء، ويسيح إلى البصرة من الزنج، ثم يعود ما فضل عن صيد الناس إلى بلاده وبحره. وذلك أبعد ممّا بين البصرة إلى العليق المرار الكثيرة. وهم لا يصيدون من البحر فيما بين البصرة إلى الزنج من البرستوج شيئا إلّا في إبان مجيئها إلينا ورجوعها عنّا، وإلّا فالبحر منها فارغ خال.

فعامة الطير أعجب من حمامكم، وعامّة السّمك أعجب من الطّير.

726-[هداية الطير والسمك]

والطّير ذو جناحين، يحلّق في الهواء، فله سرعة الدّرك وبلوغ الغاية بالطيران، وله إدراك العالم بما فيه بعلامات وأمارات إذا هو حلّق في الهواء، وعلا فوق كل شيء.

والسّمكة تسبّح في غمر البحر والماء، ولا تسبّح في أعلاه. ونسيم الهواء الذي يعيش به الطير لو دام على السمك ساعة من نهار لقتله وقال أبو العنبر: قال أبو نخيلة الراجز [2] وذكر السمك: [من الرجز]

تغمّه النشرة والنسيم ... فلا يزال مغرقا يعوم

في البحر والبحر له تخميم ... وأمّة الوالدة الرؤوم

تلهمه جهلا وما يريم

يقول: النشرة والنسيم الذي يحيي جميع الحيوانات، إذا طال عليه الخموم واللّخن والعفن، والرّطوبات الغليظة، فذلك يغمّ السّمك ويكربه، وأمّه التي ولدته تأكله؛ لأنّ السّمك يأكل بعضه بعضا، وهو في ذلك لا يريم هذا الموضع.

وقال رؤبة [3] : [من الرجز]

والحوت لا يكفيه شيء يلهمه ... يصبح عطشان وفي الماء فمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015