ويكون فيها المصمت والبهيم أكثر ألوانا، ومن أصناف التّحاسين ما يكون في الحمام، فمنها ما يكون أخضر مصمّتا، وأحمر مصمتا وأسود مصمتا، وأبيض مصمتا، وضروبا من ذلك، كلها مصمتة [1] . إلّا أنّ الهداية للخضر النّمر. فإذا ابيضّ الحمام كالفقيع فمثله من النّاس الصّقلابيّ، فإن الصّقلابيّ فطير [2] خام لم تنضجه الأرحام؛ إذ كانت الأرحام في البلاد التي شمسها ضعيفة.
وإن اسودّ الحمام فإنما ذلك احتراق، ومجاوزة لحدّ النّضج. ومثل سود الحمام من الناس الزّنج؛ فإن أرحامهم جاوزت حدّ الإنضاح إلى الإحراق، وشيّطت [4] الشّمس شعورهم فتقبّضت.
والشّعر إذا أدنيته من النّار تجعّد، فإن زدته تفلفل [5] ، فإن زدته احترق.
وكما أنّ عقول سودان النّاس وحمرانهم دون عقول السّمر، كذلك بيض الحمام وسودها دون الخضر في المعرفة والهداية.
وأصل الخضرة إنّما هو لون الرّيحان والبقول، ثم جعلوا بعد الحديد أخضر، والسماء خضراء، حتّى سمّوا بذلك الكحل واللّيل.
قال الشّمّاخ بن ضرار [5] : [من الطويل]
ورحن رواحا من زرود فنازعت ... زبالة جلبابا من الليل أخضرا