[1] وكان عندنا حارس يكنى أبا خزيمة، فقلت يوما- وقد خطر على بالي-:
كيف اكتنى هذا العلج الألكن بأبي خزيمة؟ ثمّ رأيته فقلت له: خبّرني عنك، أكان أبوك يسمّى خزيمة؟ قال: لا. قلت: فجدّك أو عمك أو خالك؟ قال: لا. قلت: فلك ابن يسمّى خزيمة؟ قال: لا. قلت: فكان لك مولّى يسمى خزيمة؟ قال: لا. قلت:
فكان في قريتك رجل صالح أو فقيه يسمى خزيمة؟ قال: لا. قلت: فلم اكتنيت بأبي خزيمة، وأنت علج ألكن، وأنت فقير، وأنت حارس؟ قال: هكذا اشتهيت. قلت: فلأي شيء اشتهيت هذه الكنية من بين جميع الكنى؟ قال: ما يدريني. قلت: فتبيعها السّاعة بدينار، وتسكتني بأيّ كنية شئت؟ قال: لا والله، ولا بالدّنيا وما فيها!
وحدثني مسعدة بن طارق، قلت للزياديّ- ومررت به وهو جالس في يوم غمق [2] حارّ ومد [3] ، على باب داره في شروع نهر الجوبار [4] بأردية، وإذا ذلك البحر يبخر في أنفه- قال فقلت له بعت دارك وحظّك من دار جدّك زياد بن أبي سفيان، وتركت مجلسك في ساباط غيث [5] ، وإشرافك على رحبة بني هاشم، ومجلسك في الأبواب التي تلي رحبة بني سليم، وجلست على هذا النّهر في مثل هذا اليوم، ورضيت به جارا؟ قال. نلت أطول آمالي في قرب هولاء البزّازين [6] . قلت له لو كنت بقرب المقابر فقلت نزلت هذا الموضع للاتّعاظ به والاعتبار كان ذلك وجها. ولو كنت بقرب الحدّادين فقلت لأتذكّر بهذه النّيران والكيران [7] نار جهنّم، كان ذلك قولا. ولو كنت اشتريت دارا بقرب العطّارين فاعتللت بطلب رائحة الطّيب كان ذلك وجها فأمّا قرب البزّازين فقط فهذا ما لا أعرفه. أفلك فيهم دار غلّة، أو هل لك عليهم ديون حالّة، أو هل لك فيهم أو عندهم غلمان يؤدّون الضّريبة، أو هل لك معهم شركة مضاربة؟ قال: لا. قلت: فما ترجو إذا من قربهم فلم يكن عنده إلّا: نلت آمالي بقرب البزّازين.