جئت إلى ها هنا لتفسو أو تقصّ؟ فقال: جئنا لنقص، فإذا نزلت بليّة فلا بدّ لنا ولكم من الصّبر! فضحك الناس، واختلط المجلس.
وأبو كعب هذا هو الذي كان يقصّ في مسجد عتّاب كلّ أربعا فاحتبس عليهم في بعض الأيام وطال انتظارهم له. فبينما هم كذلك إذ جاء رسوله فقال: يقول لكم أبو كعب: انصرفوا؛ فإنّي قد أصبحت اليوم مخمورا!
وأمّا علة عبد العزيز بشكست فإنّ عبد العزيز كان له مال، وكان إذا جاء وقت الزّكاة وجاء القوّاد بغلام مؤاجر [1] ، قال: يا غلام ألك أمّ؟ ألك خالات؟ فيقول الغلام:
نعم. فيقول: خذ هذه العشرة الدارهم- أو خذ هذه الدّنانير- من زكاة مالي، فادفعها إليهنّ، وإن شئت أن تبركني بعد ذلك على جهة المكارمة، فافعل، وإن شئت أن تنصرف فانصرف. فيقول ذلك وهو واثق أنّ الغلام لا يمنعه بعد أخذ الدراهم، وهو يعلم أنه لن يبلغ من صلاح طباع المؤاجرين أن يؤدّوا الأمانات. فغبر بذلك ثلاثين سنة وليس له زكاة إلّا عند أمّهات المؤاجرين وأخواتهم وخالاتهم.
وحدثني محمّد بن عبّاد بن كاسب قال: قال لي الفضل بن مروان شيخ من طياب الكوفيّين وأغبيائهم: إن ولد لك مائة ذكر فسمهم كلّهم محمدا، وكنّهم بمحمد؛ فإنّك سترى فيهم البركة. أو تدري لأيّ شيء كثر مالي؟ قلت: لا والله ما أدري. قال: إنّما كثر مالي لأنّي سمّيت نفسي فيما بيني وبين الله محمدا! وإذا كان اسمي عند الله محمدا فما أبالي ما قال الناس!
وشبه هذا الحديث قول المروزي: قلت: لأحمد بن رياح الجوهري اشتريت كساء أبيض طبريّا بأربعمائة درهم، وهو عند الناس- فيما ترى عيونهم قومسيّ [2] يساوي مائة درهم! قال: علم الله أنّه طبريّ فما عليّ ممّا قال الناس؟!