وفي كثير من الروايات من أحاديث العرب، أنّ الدّيك كان نديما للغراب، وأنّهما شربا الخمر عند خمّار ولم يعطياه شيئا، وذهب الغراب ليأتيه بالثّمن حين شرب، ورهن الدّيك، فخاس به، فبقي محبوسا.
وأنّ نوحا صلّى الله عليه وسلم حين بقي في اللّجّة أيّاما بعث الغراب، فوقع على جيفة ولم يرجع، ثمّ بعث الحمامة لتنظر هل ترى في الأرض موضعا يكون للسفينة مرفأ، واستجعلت «1» على نوح الطّوق الذي في عنقها، فرشاها بذلك- أي فجعل ذلك جعلا لها.
وفي جميع ذلك يقول أميّة بن أبي الصّلت: [من الوافر]
بآية قام ينطق كلّ شيء ... وخان أمانة الدّيك الغراب «2»
يقول: حين تركه في أيديهم وذهب وتركه.
والعامّة تضرب به المثل وتقول: «ما هو إلّا غراب نوح» «3» .
ثم قال: [من الوافر]
وأرسلت الحمامة بعد سبع ... تدلّ على المهالك لا تهاب
تلمّس هل ترى في الأرض عينا ... وغايتها من الماء العباب «4»
فجاءت بعد ما ركضت بقطف ... عليه الثّأط والطين الكباب «5»
فلما فرّسوا الآيات صاغوا ... لها طوقا كما عقد السّخاب «6»
إذا ماتت تورّثه بنيها ... وإن تقتل فليس لها استلاب «7»