العلة، ولم تكن للدّيك الموصوف بأنّه فوق الأسطرلاب فضيلة ليست للحمار.
وعلى أنّ الحمار أبعد صوتا، وقد بلغ من شدّة صوته ما إن حلف أحمد بن عبد العزيز: إنّ الحمار ما ينام! قيل له: وما ذاك؟ قال: لأنّي أجد صياحه ليس بصياح شيء انتبه تلك الساعة، ولا هو صياح من يريد أن ينام بعد انقضاء صياحه!.
هذا والحمار هو الذي ضرب به القرآن المثل في بعد الصوت، وضرب به المثل في الجهل، فقال: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً
«1» . فلو كان شيء من الحيوان أجهل بما في بطون الأسفار من الحمار، لضرب الله المثل به دونه.
وعلى أنّ فيه من الخصال ما ليس في الديك، وذلك أنّ العرب وضعته من الأمثال التي هي له في عشرة أماكن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلّ الصّيد في جوف الفرا» «2» وكفاك به مثلا إذا كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في تفضيل هداية أبي سفيان.
وقال العرب: «أنكح من الفرأ» «3» . والفرأ مهموز مفتوحة الفاء مجموعه فراء، قال الشاعر: [من الطويل]
بضرب كآذان الفراء فضوله ... وطعن كإيزاغ المخاض تبورها «4»
وتقول العرب: «العير أوقى لدمه» «5» . وقولهم: «من ينك العير ينك نيّاكا» «6» . وقالوا: «الجحش إذا فاتتك الأعيار» «7» وقالوا: «أصبر من عير أبي