وتطيب طبيخا، وتطيب فصوصها، وإن قطّعتها مع اللحم دسم ذلك اللحم. وتصلح للحشاوى، وللملاقسطي، وتصلح في الاسفرجات وسمينها يقدّم في السّكباجة «1» على البطّ، إلّا أنها تطعم المفصود وليس ذلك للبطّ.
قال: والدّيكة دجاج إذا ذكرت في جملة الجنس، وهذا الباب مما تغلّب فيه الإناث على الذّكورة. وقال آخرون: لا، ولكنّ الدّيك نفسه دجاجة، إلّا أنّهم أرادوا إبانته بأنّه ذكر فقالوا: ديك، كما يسمّون الذّكر والأنثى فرسا بلا هاء، فإذا أرادوا أن يثبتوا إناثها قالوا حجر، وإن كانت حجرا فهي فرس. وقال الأخطل: [من البسيط]
نازعته في الدّجى الرّاح الشّمول وقد ... صاح الدّجاج وحانت وقفة السّاري «2»
وقد بيّن ذلك القرشيّ حيث يقول: [من الخفيف]
اطردوا الدّيك عن ذؤابة زيد ... كان ما كان لا تطاه الدّجاج «3»
وذلك أنّه كان رأى رأس زيد بن علي في دار يوسف بن عمر، فجاء ديك فوطئ شعره ونقره في لحمه ليأكله.
قالوا: قد أخطأ من زعم أنّ الدّيكة إنّما تتجاوب، بل إنّما ذلك منها شيء يتوافق في وقت، وليس ذلك بتجاوب كنباح الكلاب؛ لأنّ الكلب لا وقت له، وإنّما هو صامت ساكت ما لم يحسّ بشيء يفزع منه، فإذا أحسّ به نبح، وإذا سمع نباح كلب آخر أجاب ثم أجاب ذلك آخر، ثمّ أجابهما الكلب الأوّل، وتبيّن أنّه المجاوب جميع الكلاب. والدّيك ليس إذا من أجل أنّه أنكر شيئا استجاب، أو سمع صوتا صقع «4» ، وإنّما يصقع لشيء في طبعه، إذا قابل ذلك الوقت من اللّيل هيّجه. فعدد أصواته في الوقت الذي يظنّ أنّه تتجاوب فيه الدّيكة، كعدد أصواته في القرية وليس