ترى في صيدهم؟ فأنزل الله عزّ وجلّ: يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ
«1» .
فأوّل شيء يعظّم في عينك شأن الكلب، أنّ هذا الوافد الكريم الذي قيل له ما قيل، وسمّي بما لم يسمّ به أحد- لم يسأل إلّا عن شأن الكلب.
وثانية وهي أعظمها: أنّ الله تعالى أنزل فيه عند ذلك آيا محكما فقال: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ
فسمّى صيدها طيّبا، ثم قال: وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ
مخبرا عن قبولها للتعليم والتأديب. ثم قال: مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ
ولولا أنّ ذلك الباب من التعليم والعلم مرضيّ عند الله عزّ وجلّ، لما أضافه إلى نفسه. ثم قال:
فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ
فأوّل شيء يعظم به في عينك إمساكه عليك. وهكذا يقول أصحاب الصيد، إن كل صائد فإنّما يمسك على نفسه إلّا الكلب فإنّه يمسك على صاحبه.
ولو كان الجواب لزيد الخيل سنّة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم لكان في ذلك الرّفعة، فكيف والكتاب فوق السّنّة.
وقد روى هشام أنّ ابن عبّاس سمّى كلاب ذريح هذه وكلاب أبي دجانة فقال:
المختلس، وغلّاب، والقنيص، وسلهب، وسرحان، والمتعاطس «2» .
وزعم الأطبّاء أنّ من أجود أدوية الذّبحة والخانوق أن ينفح في حلق من كان ذلك به، ما جفّ من رجيع الكلاب. وأجود ذلك أن يكون يتغرغر به وربّما طلوه على جلد المحموم الحديد الحمّى.
وأجود رجيع الكلاب أن يشتدّ بياضه. وليس يعتريه البياض إلّا عن أكل الطعام، وذلك رديء للقانص منها.
والجعور قد تبيضّ إذا كان قوت صاحبها اللبن، ولذلك قال أبو كلاب- وهو ابن لسان الحمّرة- ومرّ به رجل من بني أسد فقال: قد علمت العرب يا معشر بني أسد أنّكم أشدّها بياض جعور، فعكف عليه فضربه بالسيف حتى برد.