وقال آخرون: ليس الكلب من أسماء الأسد، كما أن ليس الأسد من أسماء الكلب، إلّا على أن تمدحوا كلبكم فيقول قائلكم: ما هو إلّا الأسد؛ وكذلك القول في الأسد إذا سمّيتموه كلبا، وذلك عند إرادة التصغير والتحقير، والتأنيب والتقريع؛ كما يقال ذلك للإنسان على جهة التشبيه.
فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك فإنّ ذلك على بعض ما وصفنا لك. ويقول أهل حمص: إنهم لا يغلبون؛ لأن فيها نور الله في الأرض. وما كلب الله إلا كنور الله.
والله، تبارك وتعالى علوّا كبيرا، لا تضاف إليه الكلاب والسنانير والضّباع والثعالب.
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا قطّ. وإن كان قاله فعلى صلة كلام أو على حكاية كلام.
وقال صاحب الكلب: قد وضح الأمر، وتلقّاه الناس بالقبول، في أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أكلك كلب الله» وهو يعني الأسد. ومن دفع هذا الحديث فقد أنكر علامات الرسول صلى الله عليه وسلم.
والنّاس قد سمّوا الناس بكلب وكليب وكلاب وأكلب ومكاليب ومكالبة بنو ربيعة، وكليب بن ربيعة بن عامر. وفي العرب من القبائل كلب، وبنو الكلبة، وبنو كلاب، وأكلب بن ربيعة بن نزار عمارة ضخمة «1» . وكلب بن وبرة جذم «2» من الأجذام وهم نفر جمجمة، وكلّ سادات فهو يكنى أبا كليب، ومن ذلك عمرو ذو الكلب وأبو عمرو الكلب الجرمي وأبو عامر الكلب النحوي. وكيف لا يجوز مع ذلك أن يسمّى الأسد بالكلب، وكلّ هؤلاء أرفع من الأسد؟! وقد قالوا: كلب الماء، وكلب الرحى. والضّبّة «3» التي في الرحل يقال لها الكلب، والكلب: الخشبة التي تمنع الحائط من السّقوط، وتشخص في القناطر والمسنّيات «4» .