لا تحسن ما يكفيك أنت؟ قال: حسبك الآن: ثم قال المثنّى للدّلّال: امض بهذا، عليه لعنة الله!.
- وحدّثني ثمامة قال: جاءنا رجل بغلام سنديّ يزعم أنّه طباخ حاذق، فاشتريته منه، فلمّا أمرت له بالمال قال الرّجل: إنه قد غاب عنا غيبة، فإن اشتريته على هذا الشّرط، وإلّا فاتركه. فقلت للسندي: أكنت أبقت قطّ! قال: والله ما أبقت قطّ! فقلت: أنت الآن قد جمعت مع الإباق [1] الكذب! قال: كيف ذلك؟ قلت: لأنّ هذا الموضع لا يجوز أن يكذب فيه البائع. قال: جعلني الله تعالى فداءك! أنا والله أخبرك عن قصّتي: كنت أذنبت ذنبا كما يذنب هذا وهذا، جميع غلمان النّاس فحلف بكلّ يمين ليضربنّي أربعمائة سوط، فكنت ترى لي أن أقيم؟ قلت: لا والله! قال: فهذا الآن إباق؟ قلت لا. قال: فاشتريته فإذا هو أحسن النّاس خبزا وأطيبهم طبخا.
وخبّرني رجل قال: قال رجل لغلام له ذات يوم: يا فاجر! قال: جعلني الله فداك، مولى القوم منهم! وزعم روح بن الطائفية- وكان روح عبدا لأخت أنس بن أبي شيخ، وكانت قد فوّضت إليه كلّ شيء من أمرها- قال: دخلت السّوق أريد شراء غلام طبّاخ، فبينا أنا واقف إذ جيء بغلام يعرض بعشرة دنانير، ويساوي على حسن وجهه وجودة قدّه، وحداثة سنّه، دون صناعته- مائة دينار. فلمّا رأيته لم أتمالك أن دنوت منه فقلت:
ويحك أقلّ ثمنك على وجهك مائة دينار، والله ما يبيعك مولاك بعشرة دنانير إلّا وأنت شرّ الناس! فقال: أمّا لهم فأنا شرّ الناس، وأمّا لغيرهم فأنا أساوي مائة ومائة.
قال: فقلت: التزيّن بجمال هذا وطيب طبخه يوما واحدا عند أصحابي خير من عشرة دنانير. فابتعته ومضيت به إلى المنزل، فرأيت من حذقه وخدمته، وقلّة تزيّده ما إن بعثته إلى الصّيرفي ليأتيني من قبله بعشرين دينارا، فأخذها ومضى على وجهه فو الله ما شعرت إلّا والنّاشد [2] قد جاءني وهو يطلب جعله، فقلت: لهذا وشبهه باعك القوم بعشرة دنانير! قال: لولا أنّي أعلم أنّك لا تصدّق يميني وكيف طرّت الدّنانير من ثوبي. ولكنّي أقول لك واحدة: احتبسني واحترس منّي، واستمتع بخدمتي، واحتسب أنّك كنت اشتريتني بثلاثين دينارا، قال: فاحتبسته لهواي فيه، وقلت لعلّه