قال: وكلّ دابّة حشاها الله تعالى خبثا فهو قصير اليدين، فإذا خافت شيئا لاذت بالصّعداء فلا يكاد يلحقها شيء [1] .
قال: وأخبرني ابن أبي نجيح وكان حجّ مع المسيّب بن شريك عام حجّ المهديّ [مع] [2] سلسبيل، قال: زاملت المسيّب في حجّته تلك، فبينا نحن نسير إذ نظرنا إلى يربوع يتخلل فراسن [3] الإبل، فصاح بغلمانه: دونكم اليربوع! فأحضروا في إثره فأخذوه. فلمّا حططنا قال: اذبحوه. ثمّ قال: اسلخوه واشووه وائتوني به في غدائي. قال: فأتي به في آخر الغداء، على رغيف قد رعّبوه فهو أشدّ حمرة من الزّهوة [4] ،- يريد البسرة- فعطف عليه فثنى الرّغيف ثم غمزه بين راحتيه ثم فرج [5] الرغيف، فإذا هو قد أخذ من دسمه، فوضعه بين يديه، ثمّ تناول اليربوع فنزع فخذا منه، فتناولها ثم قال: كل يا أبا محمد! فقلت: ما لي به حاجة! فضحك ثم جعل يأتي عليه عضوا عضوا.
قال: وأمّا أمّ حبين فهي الهيشة، وهي أم الحبين، وهي دويبة تأكلها الأعراب مثل الحرباء، إلّا أنّها أصغر منها، وهي كدراء لسواد بيضاء البطن. وهو خلاف قول الأعرابيّ للمدني.
وقال أعرابيّ لسهل بن هارون، في تواري سهل من غرمائه وطلبهم له طلبا شديدا؛ فأوصاه الأعرابيّ بالحزم وتدبير اليربوع، فقال [6] : [من الطويل]
انزل أبا عمرو على حدّ قرية ... تزيغ إلى سهل كثير السّلائق [7]