وقال زيد بن كثوة المزني: قال العنبريّ، وهو أبو يحيى: مكثت في عنفوان شبيبتي، وريعان من ذلك، أريغ ضبّا، وكان ببعض بلادنا في وشاز [1] من الأرض، وكان عظيما منها منكرا. ما رأيت مثله، فمكثت دهرا أريغه ما أقدر عليه. ثم إنّي هبطت إلى البصرة، فأقمت بها ثلاثين سنة، ثمّ إنّي والله كررت راجعا إلى بلادي، فمررت في طريقي بموضع الضّبّ، معتمدا [2] لذلك، فقلت: والله لأعلمنّ اليوم علمه، وما دهري [3] إلا أن أجعل من جلده عكّة [4] ؛ للّذي كان عليه من إفراط العظم، فوجّهت الرّواحل نحوه، فإذا أنا به والله محرنبئا [5] على تلعة؛ فلمّا سمع حسّ الرّواحل، ورأى سوادا مقبلا نحوه، مرّ مسرعا نحو جحره، وفاتني والله الذي لا إله إلا هو.
وقال ابن الأعرابيّ [6] : أخبرني ابن فارس بن ضبعان الكلبيّ، أنّ الضّبّة يكون بيضها في بطنها، وهو مكنها، ويكون بيضها متّسقا، فإذا أرادت أن تبيضه حفرت في الأرض أدحيّا مثل أدحيّ النعامة، ثم ترمي بمكنها [7] في ذلك الأدحيّ ثمانين مكنة، وتدفنه بالتّراب، وتدعه أربعين يوما، ثم تجيء بعد الأربعين فتبحث عن مكنها، فإذا حسلة [8] يتعادين منها، فتأكل ما قدرت عليه، ولو قدرت على جميعهن لأكلتهنّ. قال: ومكنها جلد ليّن، فإذا يبست فهي جلد. فإذا شويتها أو طبختها وجدت لها محّا كمحّ بيض الدّجاج.
قال [9] : والضّبّة تقاتل الحيّة وتضربها بذنبها، وهو أخشن من السّفن وهو