وفي البرّ من ذئب وسمع وعقرب ... وثرملة تسعى وخنفسة تسري [1]
وقد قيل في الأمثال إن كنت واعيا ... عذيرك، إنّ الضّبّ يحبل بالتمر
وسنفسّر معاني هذه الأبيات إذا كتبنا القصيدتين على وجوههما [2] بما يشتملان عليه من ذكر الغرائب والحكم، والتّدبير والأعاجيب التي أودع الله تعالى أصناف هذا الخلق، ليعتبر معتبر، ويفكر مفكر، فيصير بذلك عاقلا عالما، وموحّدا مخلصا.
والدّليل على ما ذكرنا من تفسير قولهم: الضّبّ أطول شيء ذماء [3] ، قولهم:
«إنّه لأحيا من ضبّ» [4] ، لأنّ حارشه ربّما ذبحه فاستقصى فري الأوداج، ثم يدعه، فربما تحرك بعد ثلاثة أيام.
وقال أبو ذؤيب الهذلي [5] : [من الكامل]
ذكر الورود بها وشاقى أمره ... شؤما وأقبل حينه يتتبّع
فأبدّهنّ حتوفهنّ فهارب ... بذمائه أو ساقط متجعجع
وكان النّاس يروون: «فهارب بدمائه» يريدون من الدم. وكانوا يكسرون الدال، حتى قال الأصمعيّ: «بذمائه» معجمة الذال مفتوحة وقال كثير [6] : [من الكامل]
ولقد شهدت الخيل يحمل شكّتي ... متلمّظ خذم العنان بهيم [7]
باقي الذماء إذا ملكت مناقل ... وإذا جمعت به أجشّ هزيم [8]