الحيوان (صفحة 1287)

[باب في الضب]

(الضب)

1695-[ذم هذا الكتاب ومدحه]

وأنا مبتدئ على اسم الله تعالى في القول في الضّبّ. على أنّي أذمّ هذا الكتاب في الجملة، لأنّ الشواهد على كلّ شيء بعينه وقعت متفرّقة غير مجتمعة.

ولو قدرت على جمعها لكان ذلك أبلغ في تزكية الشّاهد، وأنور للبرهان، وأملأ للنفس، وأمتع لها، بحسن الرّصف [1] . وأحمده، لأنّ جملة الكتاب على حال مشتملة على جميع تلك الحجج، ومحيطة بجميع تلك البرهانات، وإن وقع بعضه في مكان بعض، تأخّر متقدّم، وتقدّم متأخر.

1696-[ما قيل من الشعر في جحر الضب]

وقالوا [2] : ومن كيس [3] الضّبّ أنّه لا يتخذ جحره إلّا في كدية وهو الموضع الصّلب- أو في ارتفاع عن المسيل والبسيط، ولذلك توجد براثنه ناقصة كليلة، لأنّه يحفر في الصّلابة، ويعمّق الحفر، ولذلك قال خالد بن الطّيفان [4] : [من الطويل]

ومولى كمولى الزّبرقان دملته ... كما دملت ساق تهاض، بها كسر [5]

إذا ما أحالت والجبائر فوقها ... مضى الحول لا برء مبين ولا جبر

تراه كأنّ الله يجدع أنفه ... وأذنيه إن مولاه ثاب له وفر

ترى الشّرّ قد أفنى دوائر وجهه ... كضبّ الكدى أفنى براثنه الحفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015