وذكرنا جملة القول في الذّرّة والنّملة، وفي القرد والخنزير، وفي الحيّات والنّعام، وبعض القول في النّار في الجزء الرابع.
والنار- حفظك الله- وإن لم تكن من الحيوان، فقد كان جرى من السّبب المتّصل بذكرها، ومن القول المضمر بما فيها، ما أوجب ذكرها والإخبار عن جملة القول فيها.
وقد ذكرنا بقيّة القول في النّار، ثمّ جملة القول في العصافير، ثمّ جملة القول في الجرذان والسّنانير والعقارب. ولجمع هذه الأجناس في باب واحد سبب سيعرفه من قرأه، ويتبيّنه من رآه! ثمّ القول في القمل والبراغيث والبعوض، ثمّ القول في العنكبوت و؟؟؟
القول في الحبارى، ثمّ القول في الضّأن والمعز، ثمّ القول في الضفادع والجراد؟؟؟
القول في القطا.
وقد بقيت- أبقاك الله تعالى- أبواب توجب الإطالة، وتحوج إلى الإطناب.
وليس بإطالة ما لم يجاوز مقدار الحاجة، ووقف عند منتهى البغية.
وإنما الألفاظ على أقدار المعاني، فكثيرها لكثيرها، وقليلها لقليلها، وشريفها لشريفها، وسخيفها لسخيفها. والمعاني المفردة، البائنة بصورها وجهاتها، تحتاج من الألفاظ إلى أقلّ مما تحتاج إليه المعاني المشتركة، والجهات الملتبسة.
ولو جهد جميع أهل البلاغة أن يخبروا من دونهم عن هذه المعاني، بكلام وجيز يغني عن التفسير باللّسان، والإشارة باليد والرأس- لما قدروا عليه.
وقد قال الأوّل [1] : «إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون!» .
وليس ينبغي للعاقل أن يسوم [2] اللّغات ما ليس في طاقتها. ويسوم النّفوس ما ليس في جبلّتها [3] . ولذلك صار يحتاج صاحب كتاب المنطق إلى أن يفسّره لمن