وزعم بعض المفسرين أن السنور خلق من عطسة الأسد، وأن الخنزير خلق من سلحة [1] الفيل؛ لأن أصحاب التفسير يزعمون أن أهل سفينة نوح لما تأذّوا بكثرة الفأر وشكوا إلى نوح ذلك سأل ربّه الفرج، فأمره أن يأمر الأسد فيعطس. فلما عطس خرج من منخريه زوج سنانير: ذكر وأنثى. خرج الذّكر من المنخر الأيمن، والأنثى من المنخر الأيسر. فكفياهم مؤونة الجرذان. ولما تأذّوا بريح نجوهما شكوا ذلك إلى نوح، وشكا ذلك إلى ربّه. فأمره أن يأمر الفيل فليسلح. فسلح زوج خنازير فكفياهم مؤونة رائحة النجو.
وهذا الحديث نافق عند العوامّ، وعند بعض القصّاص.
وقد أنكر ناس أن يكون الفأر تخلّق في أرحام إناثها من أصلاب ذكورتها ومن أرحام بعض الأرضين [2] كطينة القاطول [3] ؛ فإن أهلها زعموا [4] أنهم ربما رأوا الفأرة لم يتمّ خلقها بعد، وإن عينيها لتبصّان [5] ، ثم لا يريمون حتى يتمّ خلقها وتشتدّ حركتها.
وقالوا: لا يجوز لشيء خلق من الحيوان أن يخلق من غير الحيوان. ولا يجوز أن يكون شيء له في العالم أصل أن يؤلّف الناس أشياء تستحيل إلى مثل هذا الأصل.
فأنكروا من هذا الوجه تحويل الشبه [6] ذهبا، والزّيبق فضة.
وقد علمنا أن للنّوشاذر في العالم أصلا موجودا. وقد يصعّدون [7] الشّعر ويدبّرونه حتى يستحيل كحجر النوشاذر، ولا يغادر منه شيئا في عمل ولا بدن.