الحيوان (صفحة 1114)

1432-[فأرة المسك]

وسألت [1] بعض العطارين من أصحابنا المعتزلة عن فأرة المسك فقال: ليس بالفأرة، وهو بالخشف أشبه. ثم قصّ عليّ شأن المسك وكيف يصطنع. وقال، لولا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد تطيّب بالمسك لما تطيّبت به، فأمّا الزباد [2] فليس مما يقرب ثيابي منه شيء.

قلت له: وكيف يرتضع الجدي من لبن خنزيرة فلا يحرم لحمه؟ قال: لأنّ ذلك اللبن استحال لحما، وخرج من تلك الطبيعة، ومن تلك الصورة، ومن ذلك الاسم.

وكذلك لحوم الجلّالة [3] . فالمسك غير الدّم، والخلّ غير الخمر. والجوهر ليس يحرم بعينه، وإنما يحرم للأعراض والعلل. فلا تقزّز منه عند تذكرك الدّم الحقين؛ فإنه ليس به. وقد تتحوّل النار هواء، والهواء ماء، فيصير الشبه الذي بين الماء والنار بعيدا جدّا.

1433-[بيت الفأر]

والجرذان لا تحفر بيوتها على قارعة طريق، وتجتنب الخفض؛ لمكان المطر، وتجتنب الجوادّ [4] ؛ لأن الحوافر تهدم عليها بيوتها. فإذا أخرجها وقع حافر فرس، مع هذا الصّنيع، دلّ ذلك على شدة الجري والوقع. وقال امرؤ القيس [5] يصف فرسه:

[من الطويل]

فللسّوط ألهوب وللرّجل درّة ... وللزّجر منه وقع أهوج منعب [6]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015