الحيوان (صفحة 1034)

تركيبها، ومواضع أعضائها. والقول فيهما شبيه بالقول في التّدرج والنّعامة.

وقد يكون الحيوان عجيب صنعة البدن، ثم لا يذكر بعد حسن الخلق بخلق كريم، ولا حسّ ثاقب، ولا معرفة عجيبة، ولا صنعة لطيفة. ومنه ما يكون كالببغاء، والنحلة، والحمامة، والثعلب، والدّرّة [1] ، ولا تكون الأعجوبة في تصويره، وتركيب أعضائه، وتنضيد ألوان ريشه في وزن تلك الأشياء التي ذكرناها، أو يكون العجب فيما أعطى في حنجرته من الأغاني العجيبة، والأصوات الشجيّة المطربة، والمخارج الحسنة- مثل العجب فيما أعطي من الأخلاق الكريمة، أو في صنعة الكفّ اللطيفة، والهداية الغريبة، أو المرفق النافع، أو المضرّة التي تدعو إلى شدّة الاحتراس، ودقة الاحتيال، فيقدّم في الذكر لذلك.

1332-[العقعق]

وأيّ شيء أعجب من العقعق [2] وصدق حسّه، وشدّة حذره، وحسن معرفته، ثم ليس في الأرض طائر أشدّ تضييعا لبيضه وفراخه منه. والحبارى مع أنها أحمق الطير، تحوط بيضها أو فراخها أشدّ الحياطة [3] ، وبأغمض معرفة، حتى قال عثمان بن عفان، رضي الله عنه: «كلّ شيء يحب ولده حتى الحبارى» [4] . يضرب بها المثل في الموق [5] .

ثم العقعق مع حذقه بالاستلاب، وبسرعة الخطف، لا يستعمل ذلك إلا فيما لا ينتفع به، فكم من عقد ثمين خطير، ومن قرط شريف نفيس، قد اختطف من بين أيدي قوم، فإمّا رمى به بعد تحلّقه في الهواء، وإما أحرزه ولم يلتفت إليه أبدا.

وزعم الأصمعيّ أنّ عقعقا مرة استلب سخابا [6] كريما لقوم، فأخذ أهل السّخاب أعرابيّة كانت عندهم، فبينما هي تضرب، وتسحب وتسبّ إذ مرّ العقعق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015