الماعون بأتاويّين، يعني واحدا أتى من هاهنا، وآخر أتى من هاهنا. كأنهم جماعة التقوا من غير تعريف بنسب ولا بلد.
وإذا تجمعوا أفذاذا [1] لم يكمل كلّ واحد منهم خصال المحلّات.
قال أبو النجم [2] : [من الرجز]
يضعن بالفقر أتاويّات ... معترضات غير عرضيّات [3]
وقالت امرأة من الكفار، وهي تحرّض الأوس والخزرج، حين نزل فيهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه: [من المتقارب]
أطعتم أتاويّ من غيركم ... فلا من مراد ولا مذحج
ولم ترد أنهما أشرف من قريش، ومن الحيّين كعب وعامر، ولكنها أرادت أن تؤلّب وتذكي العصبيّة.
وقالوا: لا تبتنى المدن إلا على الماء والكلإ والمحتطب. فدخلت النار في المحتطب؛ إذ كان كلّ عود يوري.
وأما الوجه الآخر [4] من الامتنان بها، فكقوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ
[5] ثم قال على صلة الكلام: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
[6] . وليس يريد أنّ إحراق الله عزّ وجلّ العبد بالنار من آلائه ونعمائه.
ولكنه رأى [7] أن الوعيد الصادق إذا كان في غاية الزجر عما يطغيه ويرديه [8] فهو من النعم السابغة والآلاء العظام.