خاصة، وعامة، فمنها خبر مخرجه مخرج الخصوص ومعناه معنى الخصوص، ومنها خبر مخرجه مخرج العموم ومعناه معنى العموم، فهذان خبران محكمان لا ينصر فان بإلحاد ملحد، ومنها خبر مخرجه مخرج العموم ومعناه معنى الخصوص، ومنها خبر مخرجه الخصوص ومعناه معنى العموم، ففي هذين الخبرين يا أمير المؤمنين دخلت الشبهة على من لا يعرف خاص القرآن وعامه.
فأما الخبر الذي مخرجه العموم ومعناه معنى العموم، فهو قول عز وجل: {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} 1 فجمع هذا الخبر الخلق والأمر، ولم يبق شيئا إلا وقد أتى عليه، لأن كل شيء هو له، مما هو مخلوق وغير مخلوق. فهذا خبر مخرجه مخرج العموم ومعناه معنى العموم.
وأما الخبر الذي مخرجه مخرج الخصوص ومعناه معني الخصوص، فهو قوله عز وجل: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} 2 وقوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} 3 فكان مخرج الخبر لآدم عليه السلام مخرج الخصوص، ومعناه معنى الخصوص، وكذلك كان مخرج الخبر لعيسى عليه السلام مخرجه مخرج الخصوص ومعناه معنى الخصوص. ثم قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} 4 والناس اسم يجمع آدم وعيسى ومن بينهما ومن بعد هما، فعقل المؤمنون عن الله عز وجل عند نزول هذا الخبر إنه لم يعن آدم وعيسى عليهما السلام في الناس الذين خلقهم من ذكر وأنثى لأنه قد قدم ذلك الخبر الخاص في آدم وعيسى عليهما السلام، وكان مخرج اللفظ عاما بهما وبغير هما ومعناه خاصا بالناس دونهما.
وأما الخبر الذي مخرجه مخرج الخصوص ومعناه معنى العموم فهو قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} 5 فكان مخرج الخبر خاصا ومعناه عاما.