علمه، وهذه صفة المخلوقين، والله عز وجل أعظم وأجل من أن يوصف بذلك أو ينسب إليه، ومن قال ذلك فقد كفر وحل دمه ووجب على أمير المؤمنين قتله، وإن قال إن علم الله خارج عن جملة الأشياء وغير داخل فيها، كما أن قوله خارج عن الأشياء وغير داخل فيها، فمن ثم ترك قوله وضل يا أمير المؤمنين وثبتت عليه الحجة فيها. فقال المأمون: أحسنت أحسنت يا عبد العزيز، وإنما فر بشر أن يجيبك في هذه المسألة لهذا. ثم أقبل علي المأمون فقال: يا عبد العزيز تقول إن الله عالم. فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فتقول: إن الله سميع بصير. قال: قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فتقول إن الله سمعا وبصرا. كما قلت إن له علم، فقلت: لا أطلق هذا هكذا يا أمير المؤمنين. فقال: أي فرق بين هذين؟ فأقبل بشر يقول: يا أمير المؤمنين يا أفقه الناس، ويا أعلم الناس يقول الله عز وجل: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} 1

قال عبد العزيز: فقلت: "يا أمير المؤمنين قد قدمت إليك فيما احتججت به إن على الناس كلهم جميعا أن يثبتوا ما أثبت الله، وينفوا ما نفى الله، ويمسكوا عما أمسك الله عنه، فأخبرنا الله عز وجل أن له علما بقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّه} 2 فقلت؟ إن له علما كما قال: وأخبرنا إنه سميع بصير بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 3 فقلت: إنه سميع بصير كما قال. ولم يخبرنا أن له سمعا وبصرا4، فقلت: كما قال. وأمسكت عند إمساكه. فأقبل عليهم المأمون فقال: ما هو مشبه فلا تكذبوا عليه. فقال بشر: قد زعمت أن لله علما، فأي شيء هو علم الله، ومعنى علم الله فقلت له: هذا مما تفرد الله بعلمه ومعرفته وحجب عن الخلق جميعا علمه فلم يخبر به ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا علمه أحد قبلي، ولا يعلمه أحد بعدي لأن علم الله أكبر وأوسع وأعظم من أن يعلمه أحد من خلقه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015