فسأل الخدمة عن ذلك، فأعلموه أن تلك الأصوات مما على الجسر من الناس، وما يصيح به المقبل منهم، والمدبر يتنحى له عن الطريق، فقال وما دعاءهم إلى احتمال هذه المشقة وهم يقدرون على إزالتها بأيسر المؤونة؟ ألا يجعلون لهم جسرين، فيكون أحدهما للمقبلين والآخر للراجعين، ولا يزحم الناس بعضهم بعضاً؟ فسر من حضر بمقالته ولطف فطنته على صغر سنه.
فلما أتت له ست عشرة سنة أمرهم أن يختاروا ألف رجل من أهل النجدة والبأس ففعلوا، فأعطاهم الأرزاق، ثم سار لهم إلى نواحي العرب الذين كانوا يعيثون في أرضهم، فقتل من قدر عليه منهم ونزع أكتافم، فسمي ذو الأكتاف لذلك، وهو باني الإيواء الأعظم بالمدائن.
ولقد شرك فيها ولد قرين، وولد الديباج ابن ذي النورين، كما إن عيسى من ذرية الخليل، لوجود الشاهد والدليل.
أو صح قولهم إنها شورى منهم بين الأفضل، لقد أيدوا حجة المناضل، ورجعوا إلى العموم بعد الخص، وإلى الشورى بعد النص، واستحسنوا ما استقبحوا من قبل، وانقطع بهم عن التمسك ذلك الحبل.