متخلل، وهو كالسنبلة والذرة، يتلألأ من كل نواحيه. وقالوا: لا يعقل شيئاً إلا موجوداً أو معدوماً، والموجود عندهم ما كان جسيماً محتملاً للصفات، وما خرج من الصفات، فهو عندهم عدم خارج من الوجود. وقالوا: لم يكن في مكان، ثم أحدث المكان فاستوى بحدث الحركة.
وقالت الجوالقة - منهم هشام بن سالم، وشيطان الطلق، ومن قال بقولهما -: هو صورة من الصور على صورة الإنسان، إلا أنه نور من الأنوار، ليس له لحم ولا دم، وله حواس؛ قالوا: ولا يعقل عالماً أبداً يدرك علماً، إلا بالحواس، وأحالوا أن يوصف بغير ما تحيط به أوهامهم.
وقالت المقاتلية - من المجبرة أصحاب مقاتل بن سليمان -: هو لحم ودم، وله صورة كصورة الإنسان؛ قالوا: لأنا لم نشاهد شيئاً موسوماً بالسمع والبصر والعقل والعلم والحياة والقدرة، إلا ما كان لحماً ودماً.
وقالت الحشوية: هو واحد ليس كمثله شيء، ومعنى ذلك، أي ليس كمثله شيء، في العظمة والسلطان والقدرة والعلم والحكمة، وهو موصوف عندهم بالنفس واليد والسمع والبصر، وحجتهم في ذلك من الكتاب قوله تعالى: (يد الله فوق أيديهم) وقوله: (ويحذركم الله نفسه) وقوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) وقوله: (وكان الله سميعاً بصيراً) .
وقالوا: لا تدركه الأبصار في الدنيا، ولكنها تدركه في الآخرة، ويحتجون بقوله تعالى: (إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) وبقوله: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) وبقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (سترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة أربع عشرة) .
فهذه خمسون مقالة من اختلاف الناس في صانعهم عز وجل.