ولا تدركه الأبصار في دنيا ولا آخرة، ولا تكيفه العقول، ولا تضبطه الأوهام، ولا تمثله القلوب، ولا تحده الأفكار، ولا تقطعه المقادير، ولا تقع عليه مساحة، وإنه غير جسم، ولا له حدود، ولا أقطار، ولا يجوز عليه التنقل من مكان إلى مكان، ولا من حال إلى حال.
وقال أبو حنيفة، وضرار بن عمرو، ومن قال بقولهما: أنه يدرك في المعاد، بحاسة سادسة؛ وقالوا: لن يكون شيء موجود إلا وله أنية ومأنية، وعلمك بالأنية غير علمك بالمانية، وذلك أن تسمع الصوت، فتعلم أن له مصوتاً، ويجهل ما هو، فعلمك بما هو، غير علمك بأن له مصوتاً.
وقال سليمان بن جرير الرقي من الزيدية: بنفي التشبيه، إلا أنه زعم أن الله عالم شيء، لا هو هو، ولا هو غيره وإنه وعلمه قائم معه؛ قال: ولا يجوز أن يكون عالم بغير علم، ولا يجوز أن يكون الشيء علم نفسه، ولا يجوز أن يكون علم الله غيره، لأنه لو كان غيره، لكان عالماً بغيره، ووقع التغاير بينهما.
وقالت الجهمية - من المجبرة أصحاب جهم بن صفوان الترمذي -: بنفي التشبيه وزعموا أن العلم محدث؛ قالوا: ولا يجوز ن يقال إن الله شيء، ولكنه منشئ الشيء؛ قالوا: لأنه لم يقع اسم الشيء إلا على مخلوق، ولا يكون الله تعالى بصفة الخلق. وقالوا: لم يزل العالم على أنه يكون علمه، كما لم يزل الخالق على أنه يكون بخلقه.
وقالت الإسماعيلية من الجعفرية: إن الله لا شيء، ولا لا شيء، لأن من قال: إنه شيء، فقد شبهه، ومن قال إنه لا شيء، فقد نفاه؛ فقالوا فيه بالنفي والإثبات جميعاً.
وقال هشام بن الحكم من القطيعة ومن قال بقوله: هو شيء جسيم، لا طويل ولا عريض، نور من الأنوار، له قدر من الأقدار، مصمت ليس بما فوق ولا