للبابا وملزمين بطاعة أوامره، لأنه رئيس الكنيسة التي تحمل سلطان الله على الأرض (?).

وهذا الوضع الجديد الذى نشأ في هذه الدول، نتيجة فصل السلطة الزمنية عن السلطة الدينية، يجعل الحديث عن علمانية هذه الدول له ما يبرره، وربما هذا ما يفسر قوة الأحزاب الشيوعية في البلدان الأرتوذكسية والكاثوليكية، في حين أنها غير قوية في البلدان الأخرى، وعلى الأخص في البلدان البروتستانتية. فمن بين الأعمال المبكرة لماركس, والتي لم تحظ بالكثير من الشهرة, تعليق كتبه على إنجيل يوحنا. يجزم ماركس فيه: "بأن المسيحية, بصيغتها البروتستانتية على وجه الخصوص, هي الشيء الوحيد القادر على إعادة صنع حياة دمرتها الخطيئة" (?)، لأن العامل عندما وجد انه مبعد عن مجتمع تدعمه الأوساط الكاثوليكية، انضم إلى اكليروس آخر مستكمل التكوين (?)، وهذا يعنى أن الدين الذي وصفه ماركس بأنه افيون الشعوب، هو الدين المسيحي بشقه الكاثوليكي والارثوذكسي، وليس الدين المسيحيى بشقه البروتستانتي، الذي مدحه ماركس وغيره من مفكري التنوير كما سنلاحظ، بسبب فصله بين الدين والدولة.

أما الدول البروتستانتية مثل بريطانيا وأمريكيا، فإنها بتبنيها للمذهب البروتستانتي، قبلت بمبدأ فصل السلطة الزمنية عن السلطة الدينية، الذي نادى به (لوثر) خلال محاولته تحجيم سلطة الكنيسة الكاثوليكية، كما وضحنا ذلك سابقاً. فإلى جانب الإصلاحات الدينية الكاسحة التي قام بها (مارتن لوثر) و (جون كالفن)، فإنهما ربما اقترحا إلغاء الصلة التي تربط بين الكنبسة والدولة، والتي كانت تمثل جزءا أساسياً في الكاثوليكية في ذلك الوقت. ولكن في الحقيقة أيد كل من (مارتن لوثر) و (جون كالفن) إضفاء الطابع الرسمي على الكنائس التي أسهما في تأسيسها (?). وقد جاءت بعد لوثر فرق بروتستانتية متعددة مثل المعمدانيين لتؤكد هذا المبدأ، حيث كانوا أول من نادى بمبدأ فصل الدين عن الدولة، لأسباب دينية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015