بدأت قصة اليون الإيسوري مع المسلمين عندما انطلقت حملة مسلمة بن عبد الملك التي نحن بصددها نحو هدفها، مجتازة إقليم الأناضول الذي يحكمه، وضربت حصاراً على عاصمته مدينة عمورية 1، فبدأ اليون الاتصال بالمسلمين. وهنا بين يدي نص ثمين أورده ابن عساكر في ترجمة مسلمة بن حبيب الفهري، مفاده أن اليون كتب كتاباً إلى مسلمة بن عبد الملك يخبره بما تحت يده من ولايات، وأنه إن أعطاه ما يسأله قدم عليه فناصحه وقواه على فتح القسطنطينية، فقرأ مسلمة هذا الكتاب على كافة الأمراء الذين معه في الجيش وأهل المشورة، فاجتمع رأيهم على إجابته ما خلا مسلمة بن حبيب الفهري الذي رفض ذلك بحجة أن الروم أهل مكر وخديعة قال: “.. وهذه إحدى مكرهم، فلا تعطه إلا السيف”2، لكن المجتمعين خالفوه وضحكوا من رأيه وقالوا: كبر الشيخ، وهوّنوا من شأن اليون، وأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً إزاء جموعهم الغفيرة. فكتب مسلمة إلى اليون يؤمِّنه على ما سأل، فقدم ومعه اثنا عشر ألفاً من أساورته 3، “ فكاتبه على مناصحته ومظاهرته على الروم، ودلالته على ما فيه سبب فتح القسطنطينية على بطرقته وتمليكه على جماعة الروم”4.
هذا النص رواه الوليد بن مسلم أحد شيوخ الشام الكبار المهتمين بأمر المغازي والفتوح والعلاقات الحربية بين المسلمين والروم خاصة، عن غير واحد من شيوخه، وهو يخالف المصادر البيزنطية التي لم تثبت وجود مناظرات مباشرة بين اليون ومسلمة 5.