(رضاك رَاحَة نَفسِي لَا فجعت بِهِ ... فَهُوَ العتاد الَّذِي للدهر أدّخر)
(وَهُوَ المدام الَّتِي أسلو بهَا فَإِذا ... عدمتها وقدت فِي قلبِي الْفِكر)
(أجل ولي رَاحَة أُخْرَى كلفت بهَا ... نظم الكلى فِي القنا والهام تبتدر)
(كم وقْعَة لَك فِي الْأَعْدَاء وَاضِحَة ... تفنى اللَّيَالِي وَلَا يفنى بهَا الْخَبَر)
(سَارَتْ بهَا العيس فِي الْآفَاق فانتشرت ... فَلَيْسَ فِي كل حيّ غَيرهَا سمر)
(مَا تركى الْخمر عَن زهد وَلَا ورع ... فَلم يُفَارق لعمري سنّي الصّغر)
(وَإِنَّمَا أَنا ساع فِي رضاك فَإِن ... أخفقت فِيهِ فَلَا يفسح لي الْعُمر)
(إِلَيْك رَوْضَة فكري جاد منبتها ... ندى يَمِينك لَا ظلّ وَلَا مطر)
(جعلت ذكرك فِي أرجائها زهراً ... فَكل أَوْقَاتهَا للمجتنى سحر)
وَذكر أَبُو بكر مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد اللَّخْمِيّ الداني الْمَعْرُوف بِابْن اللبانة أَن رجلا من أهل إشبيلية كَانَ يحفظ هَذَا الشّعْر فِي ذَلِك الأمد ثمَّ خرج مِنْهَا لنِيَّة مِنْهُ إِلَى أقْصَى حيّ فِي الْعَرَب فأوى إِلَى خيمة من خيماتهم ولاذ بِذِمَّة رَاع من رعاتهم فَلَمَّا توَسط الْقَمَر فِي بعض اللَّيَالِي وهجع السامر تذكر الدولة العبّادية ورونقها فَطَفِقَ ينشد القصيدة بِأَحْسَن صَوت وأشجاه فَمَا أكملها حَتَّى رفع رواق الْخَيْمَة الَّتِي أَوَى إِلَيْهَا عَن رجل وسيم ضخم تدل سِيمَا فَضله على أَنه سيد أَهله قَالَ يَا حضريّ حيّاك الله لمن هَذَا الْكَلَام الَّذِي أعذوذب مورده واخضوضل منبته وتحلّت بقلادة الْحَلَاوَة بكره وهدر بشقشقة