الحله السيراء (صفحة 361)

حِينَئِذٍ وَهُوَ يُوسُف بن تاشفين وسعيه فِي استقدامه وجده فِي ملاقاة الطاغية ملك النَّصَارَى والإيقاع بِهِ بالموضع الْمَعْرُوف بالزلاّقة فِي رَجَب سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وبدخول اللمتونيين إِذْ ذَاك الأندلس تسببوا إِلَى خلعه مَعَ مَعْرفَته بحسدهم لَهُ وانعكاس نَصرهم إِيَّاه خذلاناً وقهراً وتنبيه وزرائه على مَا كَانَ مِنْهُم قبل استجاشتهم والاسنتصار بهم فآثر الدّين على الدُّنْيَا وأنف لِلْإِسْلَامِ من الاصطلام وَتمّ فِيهِ قَضَاء الله فخلعوه بعد حصاره مُدَّة يَوْم الْأَحَد لإحدى وَعشْرين لَيْلَة خلت من رَجَب سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَاحْتَمَلُوهُ وَأَهله إِلَى الْمغرب وأسكنوه أغمات وَبهَا مَاتَ والمقدور كَائِن وَكَانَت وَفَاته فِي شهرربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ على حَال يوحش سماعهَا فضلا عَن مشاهدتها وَهَذَا بعد أَن خلع عَن ثَمَانمِائَة امْرَأَة أُمَّهَات الْأَوْلَاد وجواري مُتْعَة وإماء تصرّف ورزق من النَّاس حبّاً وَرَحْمَة فهم يبكونه إِلَى الْيَوْم

وَكَانَ لَهُ فِي الْأَدَب بَاعَ وسباع ينظم وينثر وَفِي أَيَّامه نفقت سوق الأدباء فتسابقوا إِلَيْهِ وتهافتوا عَلَيْهِ وشعره مدوّن مَوْجُود بأيدي النَّاس وَلم يَك فِي مُلُوك الأندلس قبله أشعر مِنْهُ وَلَا أوسع مَادَّة وَهُوَ الْقَائِل فِي صباه بديهة وَقد سمع الْأَذَان لبَعض الصَّلَوَات

(هَذَا الْمُؤَذّن قد بدا بأذانه ... يَرْجُو الرِّضَا وَالْعَفو من رحمانه)

(طُوبَى لَهُ من نَاطِق بِحَقِيقَة ... إِن كَانَ عقد ضَمِيره كلسانه)

وَله يصف ترسا لازوردي اللَّوْن مطوقاً بِالذَّهَب فِي وَسطه مسامير مذهبَة وَيُقَال إِن أَبَاهُ المعتضد أمره بوصفه فَقَالَ بديها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015