الحله السيراء (صفحة 360)

أمره وَقد استشعر انْقِرَاض ملكه وحلول هلكه فَأرْسل فِي الصّقلّي الْمُغنِي وَكَانَ قد قدم عَهده بِهِ فأجلسه وأنّسه وَأمره بِالْغنَاءِ فغنى

(نطوي اللَّيَالِي علما أَن ستطوينا ... فشعشعيها بِمَاء المزن واسقينا)

غنّى من ذَلِك خَمْسَة أَبْيَات ولخمسة أَيَّام مَاتَ

وَفِي وَفَاة المعتضد عبّاد وَقيام ابْنه الْمُعْتَمد مُحَمَّد يَقُول أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْغَنِيّ الحصري الكفيف

(مَاتَ عباد وَلَكِن ... بقى الْفَرْع الْكَرِيم)

(فكأنّ الْمَيِّت حيّ ... غير أنّ الضَّاد مِيم)

وَكَانَ الْمُعْتَمد من الْمُلُوك الْفُضَلَاء والشجعان الْعُقَلَاء والأجواد الأسخياء المأمونين عفيف السَّيْف والذيل مُخَالفا لِأَبِيهِ فِي الْقَهْر والسفك وَالْأَخْذ بِأَدْنَى سِعَايَة رد جمَاعَة مِمَّن نفى أَبوهُ وسكّن وَمَا نفّر وَأحسن السِّيرَة وَملك فَأَسْجِحْ إِلَّا أَنه كَانَ مُولَعا بِالْخمرِ منغمساً فِي اللَّذَّات عاكفاً على البطالة مخلداً إِلَى الرَّاحَة فَكَانَ ذَلِك سَبَب عطبه وأصل هَلَاكه

وَمِمَّا يُؤثر من فضائله ويعد فِي زهر مناقبه استعانته على الرّوم بِملك الْمغرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015